وقوله تعالى: «فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ» إطلاق لأى قيد فى اتصال الرجل بزوجه، بعد أن يلتزم الحدود التي بينها الله، وهو ألا يباشرها إلا بعد أن تطهر من الحيض، ثم أن تكون المباشرة فيما ينفع ويثمر..
قوله سبحانه: «وَقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ» دعوة إلى ألا يكون همّ الرجل كلّه فى مباشر المرأة هو اللذة المجرّدة من كل قصد، إلا إشباع شهوته وإرواء ظمئه..
فذلك عمل مستهلك لا يبقى للإنسان منه شىء بعد ساعته.. والأولى بالإنسان هنا أن يطلب فى مباشرته للمرأة النّسل، وأن يقوم على رعاية هذا النسل، وإعداده إعدادا صالحا للحياة، ليشارك فى بنائها وعمرانها، وبهذا يكون قد استجاب لأمر الله تعالى فى قوله: «وَقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ» فقدم لنفسه عملا صالحا يلقاه يوم القيامة: «مَنْ كانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَنْ كانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيا نُؤْتِهِ مِنْها وَما لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ» (20: الشورى) .
قوله تعالى: «وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ مُلاقُوهُ» تعقيب على تلك المحظورات التي بينها الله سبحانه وتعالى فى هذه الآيات، وتنبيه إلى أنها من حرمات الله، وأن اتقاءها ومجانبتها هو الذي يرضى الله، ويحقق للمؤمن إيمانه، فيلقى الله آمنا يوم القيامة «وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ» بما أعدّ الله سبحانه وتعالى لهم يوم القيامة من مغفرة ورضوان.